فى بداية عام جديد للشهداء دائما نتذكر حياة آباؤنا وأجدادنا الشهداء الذين بعذابات أليمة نالوا أكاليل الشهادة وأكاليل المحبة لسيدهم الذى أحبهم من قبل وفداهم على الصليب. نتذكر العذابات والآلام التى أحتملوها. ففى كل يوم نقرأ فيه السنكسار نتعرف على شخصية هؤلاء الشهداء الذين تألموا وكان من أهدافهم أن يصل إلينا الإيمان. فكل عام يمر علينا نتذكرهم فنبتهج ونفرح وننظر إلى نهاية سيرتهم لنتمثل بإيمانهم.
ولكن هناك شهيد فى بداية كل عام نتذكره لأن لولاه لما كنا تعرفنا على سير هؤلاء الشهداء. ومع بداية كل سنه للشهداء نطلب شفاعته.
فمن هو هذا الشهيد؟
هو الشهيد يوليوس الإقفهص كاتب سير الشهداء. عاونه فى هذا العمل ثلاثمائة غلام. فكانوا يكتبون سير الشهداء القديسين ويمضون بها إلى بلادهم. أما هو فكان يخدم الشهداء بنفسه ويداوى جراحهم. أما هم فكانوا يدعون له قائلين: “لابد من سفك دمك على إسم المسيح لتكون فى عداد الشهداء”.
وبعد زوال ملك دقلديانوس وقسطنتين البار تم ما قيل وما تنبأ به القديسين ليكون من الشهداء. أمره الرب أن يمضى إلى سمنود ويعترف بالمسيح. فعُذب عذابات كثيرة وكان الرب يقويه. وصلى فإنشقت الأرض وإبتلعت سبعين وثنا ومائة وأربعين كاهنا كانوا يريدونه أن يبخر للأوثان. فلما رأى الوالى هلاك آلهته وكهنتها آمن بالسيد المسيح.
ثم صحبه القديس إلى والى أتريب “مدينه قريبه من بنها” الذى عذب القديس يوليوس عذابا شديدا وكان يقويه الله. وفى عيد من الأعياد الوثنية طلب القديس من الرب أن يقطع رؤوس الأصنام ففعل ملاك الرب كما طلب القديس. ولما أتوا فى اليوم التالى ورؤا هذا المنظر عرفوا بضعف آلهتهم فآمن والى أتريب وعدد كبير من الشعب بالسيد المسيح.
ثم مضى القديس الى طوه “بلده بقرب طنطا” ومعه والى سمنود ووالى أتريب. وإجتمعوا بالاسكندروس والى طوه فأمر بضرب أعناقهم بالسيف، وهم يوليوس، وولداه تادرس، ويونياس وعبيده، ووالى سمنود وأتريب، وجماعة عظيمة يبلغ عددهم ألف وخمسمائة نفس استشهدوا معه. ثم بعد ذلك حمل جسده الى الأسكندريه لأنه من أهلها. شفاعته تكون مع جميعنا.
نسمع عن عظمة درجة الشهداء فى الملكوت، فهل ممكن أن نحصل على درجتهم، خصوصا ونحن فى بلد لا تعرف التعصب للأقليات أو الإضطهاد الدينى لأى جنس أو لأى لون؟
أعزائى: إن كنا فى بلد لا يوجد فيه إستشهاد، لكن من الممكن أن ننال هذا الإكليل الذى أخذه آباؤنا الشهداء من قبل..
- كل من يشهد للمسيح بحياته وتصرفاته فى وسط العالم ويرفض كل تعليم ضد المسيح، يقدم نفسه شهيد لله.
كل من يضبط نفسه إزاء الشهوة والخطية ويمنع نفسه عن النظر الردئ والكلام والمزاح الردئ ينطبق عليه قول الرسول: “من يجاهد يضبط نفسه فى كل شئ” (1 كو9: 25)
كل من يغصب نفسه بحب للوقوف يوميا للصلاة وقراءة كلمة الله وحضور التسابيح والقداسات يتمم قول الرب “ملكوت الله يغتصب والغاصبون يختطفونه” (مت11: 2)
كل من يرفض أن يدافع عن نفسه ويقبل الظلم مثل المسيح ولأجله ويقدم محبه للآخر عوض البحث عن الذات، هو بالإيمان يثق فى آلام المسيح وقيامته، طالبا ملكوتا أفضل مع أبطال الايمان الذين ذُكروا فى “عبرانين”.